التاريخ
يحدثنى صديق محب لقراءة التاريخ ،أن السلطة المتنفذة المطلقة و توأمها المحسوبية الخبيثة و الفساد ، على مر الحقب والعصور ، ثالوث عذاب الأمم والشعوب ، يستمثل بانهيار دولة علوة وخراب عاصمتها سوبا ، والحرب الدائرة مخاض فساد عسير ، قصص وحكاوي تزكم أنوف قراء الصحف الورقية وتنتقل عدواها للأسافير المفتوحة وتكسب الجولة والرهان المحتويات المضبوطة، قصص بعضها يُنفى وآخر يعُزز بالدفع لساحات المحاكم ببينات إدعاء ضعيفة وإنكار مغلظ والضحية القضية ، لم تبلغ تهمة بفساد مداها وتنتهى بأخرى لرد الشرف ، وثالثة تنهض ببينة ، ردة فعل عكسية ، توقع فى حبائل النشر المحظور إلا من تقارير المراجع العام التى لا تحظى ولرسميتها باهتمام كما التسريبات بفساد مسكوت عنه هنا وهناك .
على مدار عقود وعقود ، صراع مستمر بين الفساد والنزاهة وكعب الأول دوما يعلو ويغمر . ولن يتوقف تبارى الإنسان على الأرض للإغنام بالحلال والشفافية والحرام والشفشفة والفسادية ، والكمال درجة ليس من مراقٍ لنبلغها بشرا ولو سويا ، والبراءة المطلقة للانفس صعبة مع إماراتها بالسوء .
الرقابة المحكمة للسلطة والإدارة من مطلوبات الصعود لمدارج الشفافية والنزاهة ، وواحدة من أسباب صراعاتنا المزمنة وثوراتتا المتصلة وتقلباتنا بين حكم وحكم جميعها تحت عنونة محاربة الفساد بكل اشكاله والوانه مادية وادبية ، نقدية وعينية ، وعلى عينك يا شعب او بعيدا عن وزعة الضمائر
الصيدة
ومحاربة الفساد العام شاقة وعصية لتعدد حيله ، وإحساس شاذ يساور نفوس مرتكبيه ، يصور الحقوق الكلية مع ضعف الرقابة ، صيدة فى قارعة الطريق ملقية ، ولو الرقابة مشددة فللفاسد قدرة على المثابرة والمغامرة لإيجاد الفرصة للتسلل ولعب المقامرة ، فما البال لو هى رخوة ! تبرز أهمية تشريع و سن قوانين تسد الفرجات والثغرات وتقف بالمرصاد وقاية ومحاكمة لكل متجاوز بالتحايل . والإتهام بالفساد العام دون أدلة وقرائن لهو من الكبائر ، واللجوء لسلسلة من الإجراءات بالتدرج مطلوب ، تبدأ من تحقيقات لجان داخلية محددة الصلاحيات للبت فى إتهامات بالفساد بما يتوافر من أدلة ومستندات ،وقد تنتهى القضية بقرار هذه اللجان أو تحيلها بتقدير لساحات التقاضى العامة مدنيا وجنائيا وفق طبيعة الدعوى والجرم ، فيُنصب بعدها ميزان العدالة بين القضاءين الواقف والجالس . ومتى تمت الإحالة لساحات المحاكم تقتضى نواميس العدالة صبرا وعدم تدخل صحفى وإعلامى غير السماح بالتغطية ونقل الوقائع مجردة ، ويمنع التعليق والتحليل خشية على التأثير فى قرار القضاء والإضرار بحقوق طرف دون الآخر . و فى مراحل التقصى الداخلى الاولى التوخى والتروى مطلوب
التهامس
وتبرز اهمية التغطية الصحفية والإعلامية لإتهامات وإدعاءات بالفساد العام ، فى مراحلها الأولية وتحويلها لقضايا رأى عام ، لقطع الطريق أمام تدخلات بالتجربة محتملة ، هذا حال التوافر على ما يعضد ويبرر النشر عونا حميدا ، لتمضى لجان التحقيق والمراجعة الداخلية قدما ، فإما تنجز المهمة برد الحقوق و دفع المظالم أو تحيل الأمر للقضاءين الجالس والواقف . تهامس جهير يبلغ مداه عن إتهامات لسابقين وحاليين بارتكاب مخالفات وتجاوزات فساد بهيئة الجمارك اكبر الجهات الإيرادية قبل الحرب وبعدها خاصة لتعطل العديد من مظاهر العمل والإنتاج .
والهيئة لطبيعة مهامها ، تتقاطع أدوارها مع طيف واسع قوامه أجهزة ومؤسسات الدولة وجمهور عريض من المستوردين كبارهم وصغارهم فضلا عن سائر الناس . وعليه ، هذه الهيئة بطبيعتها ومزاجها بين النظامية والمدنية ، مراقبتها تتطلب آلية خاصة لسد المنافذ أمام قلة لا تقدح مطلقا فى اداء اغلبية تقوم بمهام كبيرة وشاقة ، غير مرة أشدت بأداء الهيئة وقلت فيها حسنا مستحقا فلذا استوقفنى المتواتر وآسفنى ولو المذكور مثقال ذرة لقدحه فى العاملين بجد للمصلحة العامة ويؤذيهم ما يمس الهيئة ولكن لا مناص
التهرب
و الإتهامات مع تشكيل لجان تحقيق فى هذه المرحلة تستحق الدعم والمساندة، آلية إبتدائية تستحق المتابعة تشجيعا لمن يقف وراءها لإقامة اركان العدالة ، بالإستماع لبينات المدعيين و التقصى فى صحتها وفحص أدلتها ومستنداتها المعضدة ، والفرصة الأوسع مبذولة لمن يطالهم الإتهام للمرافعة وإدحاض البينات وإبطال مفاعيل مستنداتها وأدلتها ، وتشكيل لجنة للتحقيق فى تهم فساد ، لايهابها متهم واثق من براءته ليترافع ممنوحا كامل الفرصة ممهولا ، ويعطى فسحة للتشكيك من يتوارى عن المثول أمامها عند إستدعائه باستغلال سكة واخرى، شايعها زمن الحرابة ربما ركوب صعب التهريب والمخارجة ! والإتهام فى حد ذاته بالفساد ليس إدانة ولا الأمر الهين ، ومكفول إلا لمن يأبى إخراس الأسن بتحمل المسؤولية قائما ومنرجلا، وعمد المشرع لتصعيبه ومنح أوسع الفرص للمتهم ، وعمل على سن تعديد مراحل التحقق والتقصى والتقاضى ، للتمكن من إستغلال كافة فرص التوصل للعدالة والدفع الكامل للظلم بالنصرة او الدفع
الخناق
وصحفيا ، تتوافر للفحص والتحقق ، أدلة ومستندات عن الإتهامات بالفساد فى هيئة الجمارك تطال سابقين وحاليين ، وتداولها الأسافير ، مبسوطة الآن أمام لجنة تحقيق مشكلة للتقصى فى تفاصيل وارقام لاداء وانجاز مهام تمثل عظم القضية، ،الارقام بمنطق الأشياء ، مهولة مقابل المطلوب فعله، والمطلوبون للجنة للإستماع متهمون ام شهود ، امام فرصة لتبيان الحقائق والتبرير لاعمال وممارسات ترتقى للإدراج فى دوائر الإتهام بالفساد ، بعد التقصى وارد ، أن تبت اللجنة بالبراءة او بمعالجة تقدرها أو تقدم القضية العدالة باسماء المتهمين والشهود . واللافت فى هذه القضية اتباع خطوات المؤسسية والحرص على مكافحة ومحاربة اوجه الفساد وضمان عدم العبث بأموال الجمارك ولو من بضع أفراد ، الغاية المرتجاة من إدخال الراى العام فى الصورة ، تضييق الخناق على ذوى الأنفس السوية وكل من يفكر بالعبث بحقوق و ايرادات دولة مواطن يعجزه الحال شراء الخبز الحافى ، و بلوغ قضية كهذه للرأى العام ، لاتقدح فى دور هيئة الجمارك وشرفاء من العاملين الآن والسابقين ، وهدف الوصول للتشجيع على رد الحقوق العامة وتبيض أوجه النزهاء ، ويبقى القصد والدنيا حرب ، هد أسوار الحصانة والقداسة و إنهاء حساسية التعامل مع اجهزة وهيئات قوامها بشر ، ولتكن الغاية من التحقيق فى هيئة الجمارك مرحلة مختلفة لمحاربة الفساد لما فى ذلك من مضاعفة لأرقام حصائل الواردات، وحق أصيل للمواطن الإبلاغ رسميا عن النتائج والحقائق كاملة ومن واجب الصحافة أن تكتفى بالإشارات لتفعيل اجهزة الرقابة والعدالة وعدم عقد المحاكمات وتركها لجهات الإختصاص ، اترانى فعلت أم بالإشارة إكتفيت؟*